أُريد أن أكون أُنثى ليوم واحد فقط

السلام عليكم ورحمة الله



اريد أن أكون أنثى ليوم واحد فقط

هناك الكثير من الرجال من يتمنى ذلك
منهم من يدرك حقيقة مايتمنى ..
ومنهم من لايستطيع إدراك حقيقة مايتمناه

لكن السؤال هنا ...

هل هناك فعلاً رجال يتمنون أن يكونوا نساء ..!!!

ربما سيقول معظم الرجال إذ لم يكونوا جميعاً لااااااااااااا..... لانتمنى أن نكون نساء ..
لإن هذه " من وجهة نظرهم "
أمنية منحرفة أو شاذة , سموها ماشئتم ..
كيف تكونت تلك النظرة ..
هذا مايجب أن نفهمه ..

شخصياً أقولها وبصوت مرتفع ..

( أتمنى أن أكون أنثى ليوم واحد فقط )

أعرف جيداً بأن كل رجل يغوص في أعماقه
ويرى ولو جزء بسيط من ذلك الغموض في داخله
سيعلم جيداً ..
بأنه يحتاج لإن يكون أنثى ..
طالما أنه لايستطيع أن يكون رجلاً كما يجب..

لانريد ذلك , ولكننا نحتاج لإن نكون كذلك..

عندما يمر الرجل بلحظات يعتبرها الجميع بأنها لحظات خاصة بالنساء فقط
لايحق للرجل أن يعايشها كما يجب..

عندما تجتاح الرجل مشاعر يصفها الكبار بأنها مشاعر تخص النساء فقط
ولايحق للرجل أن يعيشها كما ينبغي..

اتساءل ..
إذ كانت تلك أمور خاصة بالنساء...
لماذا نشعر نحن الرجال بأن هناك خللاً يُصيبنا بسبب :

أننا لانستطيع التخلي عن مايخص النساء فقط..
ولا نستطيع أن نكون رجال مع تلك الإحتياجات..!!
هذا يعني بأن هناك خللاً في طبيعتنا كرجال..
حاشا لله سبحانه ..
وأعتذر عن إدراجي لهكذا جملة ..
لكننا بحاجة للتعمق أكثر , بأنفسنا..
بكيفية تدخلنا مباشرةً بما خلق الله , كيف أننا نحرم ماحلله ونحلل ماحرمه ..
والأعظم أننا نجعل من أنفسنا حجارةً وصخوراً بينما نحن بشر قد خلقنا الله من طين ..
تكونا من عدة أحاسيس وعواطف لابد أن نعيشها كما هي ..
لنكون بشراً..

إذاً الخلل في معارضتنا لطبيعتنا وليس العكس ..
هناك فروق .. نعم ..
لكن تلك الفروق تعود لطبيعتي كرجل لطبيعتنا البشرية التي أوجدنا الله عليها
وليس كتلك الطبيعة التي يفرضها البشر أنفسهم علينا ..
طبيعة تُخالف حقيقتنا ,
كيف نستطيع معرفة ذلك ,
او التمييز بين مايجب أن أكون عليه وما فُرض علي أن أكون عليه..؟

يكفيك أن تنظر لنفسك وإحتياجاتك ..
هل هناك تناقض نعيشه ونشعر بأنه يُخالف مانحن عليه ..
هل هناك حاجز أضعه بيني وبين إنسانيتي ..

لماذا لايبكي الرجل ..؟
لماذا لايتألم الرجل ..؟
لماذا لايستطيع الرجل أن يعبر عن مشاعره كما يجب ..؟
لماذا لايخاف الرجل ..؟
لماذا لايحزن الرجل ..؟
لماذا لايضعف الرجل ..؟
كل تلك تساؤلات جوابها واحد ومُتفق عليه ..

" لإنه رجل "
وعندما تسألهم من هو الرجل ..؟
يقولون لك ببساطة هو " إنسان " ..
ولايتوقفون ..
بل يكملون.. " خلق الله أنثاه من ضلعه "..
حتى يكسرون ذلك الرابط االرقيق الذي يربط بينك وبينها
وهو كوننا جميعاً بشر ..
فهل هذه الحجة كافية لأن أكون رجلاً " كما يرونني "

إذاً .. لا أريد أن أكون رجلاً ..
اقولها وأنا بكامل قواي العقلية ..
ولستُ في حالة حزن لمن سيظن بأنني أكتب في حالة معينة ..

سأعارض كل مايُخالف طبيعتي كإنسان
ليس لأنني لا أستطيع أن اكون رجل
بل لأنني لا أستطيع أن أكون إنساناً ورجلاً في نفس الوقت..

من منا لم تتردد على مسامعه تلك الجمل , مراراً وتكراراً ..
منذ أن كنا صغاراً ..
لاتبكي , لاتتألم , لاتحزن , لاتخضع , لاتخاف , لاتضحك ,
أصبحنا كالرجال الآليين ..
نخلو تماماً من كافة المشاعر الإنسانية التي تميزنا عن بقية المخلوقات..
السنا بذلك نُخالف طبيعتنا , وماخلقنا الله عليه ...؟

قضيت عمري وأنا خائف من فكرة كوني رجل ..
كرهت الرجل فيني ليس لبشاعته , بل لبشاعة ماصوروه لي..
مافرضوا علي أن أكونه ..


أحب النساء وماهن عليه .. بمعنى أصح أُحب طبيعتهن ..
كونها أكثر وضوحاً من طبيعة آدم المخفية خلف صخور نحن من نحتناها ..
وكأنهم بفعلتهم تلك يُحاولون أن يخفوا حقيقة ..
ولا أعرف هل هو خوفاً عليها أم منها ..
مالعيب في أن نكون كما يجب أن نكون ...لستُ أفهم ..

أكثر ما أحبه فيها , هو خوفها , وضعفها , وصراخها , بكاءها , اساليبها المتنوعة في التعبير عن مشاعرها..
لعل محبتي تلك هي حسداً
.. لا أعرف ..
بمجرد أن أحسد جنس معين على طبيعة خلقه الله عليها
هذا خلل , في نفسي .. وفي طبيعتي ..
لهذا أدركت متأخراً نوع تلك التناقضات التي اعيشها..

لماذا يحتاج الرجل لما تحتاج له المرأة طالما أن لكلاٍ منهما طبيعة مختلفة ...؟

ألم تسألوا انفسكم ايها الرجال هذا السؤال ..
من قرر أن يكون الرجل هكذا ... خالي تماماً من مشاعره وأحاسيسه ..
أن يكون قطعة حجر لاتتأثر ..
أن يكون صلباً لاينكسر..
من قام بإخفاء حقيقتنا كبشر ..
ارى بأن من فعل ذلك قد ارتكب جرماً بحق البشرية اجمعين..
ولابد أن يُعاقب ..
كرجل تم تحويله , يحق لي الحكم إعداماً على أولئك ..

هل تعرف عزيزي الرجل .. لماذا نحب المرأة الضعيفة ..
والتي تحتاجنا دائماً ..؟
ليس لإنه بضعفها تبرز قوتنا ورجولتنا ..
بل لإن ضعفها هي تلك القوة التي نحتاجها لكننا لانمتلكها..
ولانستطيع الحصول عليها بسبب :
عادات , مفاهيم , سخافات ..

هل تعرف عزيزي الرجل بأنك ومع كل تلك القوة التي تدعيها
بإخفاءك لمشاعرك وأحاسيسك ..
أنت أضعف من تلك الأنثى والتي خُلقت من ضلعك..

تلك القوة ماهي إلا هرم من أوهام زرعها اباءنا في عقولنا
حتى لاتتمرد حواء علينا " هكذا يرون "
هل لو كنا أقوياء ونمتلك من الصلابة شيئاً..
إحتجنا للبكاء , لأحضان دافئة نلقي عليها همومنا ومشاكلنا...!!!

لعل هذا تحليل منحرف من وجهة نظر البعض..
لكنني اراه أكثر صواباً وإعتدالاً
لايهمني إن وافقتموني أم لاااااا..
المهم أنا كإنسان " ماذا اريد "
حتى وإن خالفت بما أريد العرف ..
فلتعلم عزيزي الرجل بإنك وقبل أن تكون رجلاً أنت إنسان ..
كالمرأة تماماً ..
وهذا ماقدره الله ..وهذا مايجب أن نفهمه ونؤمن به...

عندما نفقد شخصاً عزيزاً نحتاج للبكاء
فلماذا نختبىء ..؟
لنبكي في الظلام وبصوت غير مسموع..
هل البكاء حرام...!!!

هل هناك من يرى بأن البكاء للرجل أمر غير طبيعي ...؟

كم من رجل اهلكته همومه, فقط لإنه رجل ..
كم من رجل كبت مشاعره حتى تحول لجماد لايشعر ...
إذ كانت هذه طبيعة الرجال ,
لماذا نشعر بالألم عندما نكتم عبراتنا ونخفي احزاننا..
ماسبب كل ذلك ..؟
ثقافة ,
نعم ثقافة ربينا عليه ..
ثقافة وضعها الناس كسبيل غير مباشر لإلغاء إنسانيتهم ..ومشاعرهم ..

اتساءل دائما ..
لماذا لانستطيع أن نتعامل مع النساء كما يجب ..
لماذا لانستطيع أن نُحبهن بشكل صحيح ..
لماذا لايوجد هناك جسر نستطيع من خلاله التواصل معهن بسهولة ..

لعلك آدم طرحت مثل هذه الأسئلة كثيراً على نفسك ..
لماذا نخاف ونخجل من معانقة أخواتنا او نساءنا ..
لما نخجل ونخاف من الإرتماء في أحضانهن عندما نحتاج لذلك
لماذا عندما نشعر برغبة , نكابر , فقط لإننا رجال ..
نهرب , نختبىء , ننكر , نقسو ..
نتبع اساليب متنوعة لنخالف طبيعتنا ,
فهل هذا منطقي...
نسرق لحظاتنا الجميلة في الظلام والخفاء وبعيداً عن أعين الناس..
هل هذا معقوووول..

مايُضحكني أكثر ..
هو براعة التمثيل وإتقان الأدوار بمهارة ..
أحياناً ترق مشاعرنا لدموع أنثى أو لحزنها ..
فتجتاحنا رغبة في إحتضانها لمواساتها إيماناً بداخلنا بأن ذلك ماتحتاجه وما أحتاجه
لكننا نستبدل تلك الرغبة
بكلمات نلقيها وبأسلوب فظ ربما ..
بعد أن نبتعد عنها لمسافة ..
حتى لايُقال بأنك رجل عاطفي ..
وكأن العاطفة للنساء فقط..
هن يعشنها دائماً لكن هذا لايعطينا الحق أن لانجعلها من خصائص الرجال ..
نلعب دور " القوي " والصلب " او دور الرجل ..كما يرون هم ..

هل ضحكت على نفسك يا آدم بعد تلك الحركة اللا إرادية التي قمت بها..
والتي سببها شخصٌ ما .. لايعرف معنى إنسان..

هل سبق وإن كانت معاملتك لزوجتك مختلفة ..
تكون زوجاً رحيماً وحنوناً عندما تختلي بها..
وتكون فظاً غليظاً وقاسياً أمام الغير..
لماذا ايها الإنسان .. اقصد يارجل ..
حتى لايُقال بأنك ... و..... و.... و.....
حتى لايُقال بأن زوجتك هي من تقودك وتسيطر عليك...
وكأنك بأهتمامك وتدليلك لها بالغت في إنسانيتك..
وسلمتها العصمة والغيت رجولتك...
هل يعقل هذا....!!!!

هل يُعقل أن يخاف الإنسان أن يعامل إنسان آخر كإنسان...

أحياناً يكون الرجل دنيئاً وناقصاً وخسيساً مع المرأة ..
فقط ليقال عنه بأنه رجل ..
هو لايتعمد أن يكون كذلك ..
لكن هم من أجبروه بمفهومهم لمعنى رجولة ..
هل لاحظتم كيف تحولنا , فقط لنكون بنظرهم رجال " كما يرون " ..


أحياناً تكون المسافة بيننا وبين ذلك المكان
وأقصد بذلك المكان ,
اللحظة التي نتخلص فيها من همومنا وأحزاننا وآهاتنا ..
خطوة واحدة فقط ..
لكن ..

لايتجرأ اي رجل على يخطوها , خوفاً من شيء ..اياً كان هذا الشيء ..
بل نفضل أن نحتفظ بأثقالنا مدى العمر على أن يُقال عنا بأننا لسنا رجال ..
والسبب :

(.....ثقااااااافة .....)

هل حقاً لايجتمعان ... أن أكون إنساناً ورجلاً في نفس الوقت...؟

.............

لاتحزني عزيزتي الأنثى عندما تشعرين بأنك بحاجة لأحضان زوجك او اباك او اخاكِ فتجدينه أبعد مايكون..

لاتحزني عزيزتي الأنثى عندما تشعرين بحزن وتحتاجين لعناق فقط لكنه يغمركِ بلطفه ويسمعك أنواع الكلمات
كمواساة والتي قد يصدع راسكِ منها..

لاتحزني عندما يتناقض الرجل أمامك فتعجزين عن فك اسراره ..

لاتحزني... فهو بالنهاية رجل لايستطيع أن يكون إنساناً امامهم ..

بين الرجل وإنسانيته تقف تلك الثقافة الوحشية
إما نقضي عليها أو تقضي علينا..

هل لازلت عزيزي الرجل لاتريد أن تكون أنثى ليوم واحد فقط ..
اسمحوا لي ..
لا أستطيع أن أكون رجلاً كما خُلقت وكما أريد..
ولا أستطيع أن أكون رجلاً كما ابتدعتم وكما تريدون ..
وبين ما أريد وماتريدون تكمن معاناتي..فيصعب علي الإختيار..

لهذا اريد أن أكون أنثى ليوم واحد فقط , لساعة , لدقيقة ..
فهل ستجعلون من تلك الأمنية ايضاً معبراً لثقافتكم السخيفة
وتجعلون مني رجلاً شاذاً ومنحلاً أخلاقياً..؟

إذ كنتم ستفعلون ,
فتأكدوا بأنني سأعلنها وأمام الملأ ..
اريد أن أكون شاذاً..
طالما أن ذلك الشذوذ هو سبيلي الوحيد للخلاص..

فلا تلوموا الغريق , بماذا يتشبث لينجوا...